الأحد، 14 أبريل 2013

ذكريات اﻷمطار


ذكريات الأمطار

(من منشورات الوتسأب)

هذه الذكريات تحكي قصة اﻷمطار التي هطلت على وادي فدى يوم 24 ربيع اﻷول 1396 الموافق 25 مارس 1976م ، وقد دونها أحد المعاصرين لها وهو الفاضل علي بن محمد بن ناصر الجاعدي لتكون تذكرة لﻷبناء واﻷحفاد ، حيث يقول:

************************************

إنه في ليلة الخميس 24 ربيع اﻷول 1396 الموافق 25 من شهر مارس 1976م كانت السماء ملبدة بالغيوم ، والجو ممطر ، والرعد تهتز منه البيوت ، والبرق يلوح من جميع الجهات ، من بعد صلاة المغرب إلى صباح اليوم التالي ، فنزلت أمطارا غزيرة جدا جدا على وادي فدى وعلى ينقل وتوابعها ، فسالت على أثرها جميع اﻷودية التي تجري في وادي فدى ، فكان جريانها بغزارة جدا جدا ، ولم يبق في وادي فدى شجرة ولا مدرة من شدة الجريان.
فقد وصل الوادي عند نخل رمان من الجبل إلى الجبل ، أما عند حارة الجواعد فقد وصل مطلاع حارة الجواعد الذي بالقرب من مسجد غاية ، ومن جهة خطو فقد وصل الماء رفصة مسجد بشير ، فكان كبار السن يسمون مثل هذا الجريان بالجرفة .

***********************************

فسقطت بعض منازل أهل البلد ﻷنها بالنخيل ، ومبنية بالطين ، فبقيت أنقاضا -أي أكواما - بما فيها من أواني وتمر وحب وخناجر وبنادق وسيوف.
وبحمدلله لم تكن أي خسائر في اﻷرواح إلا في بلدة الخلي ، فقد جرف الوادي زوجة سيف بن سرور المعمري وابنه الرضيع ، أما زوجته فقد وضعها الوادي على شجرة ليمون بالخلي أما الرضيع فقد رماه الوادي في منطقة المعذا بولاية ضنك .
بل كانت الخسائر في الممتلكات مثل الحيوانات وغيرها ، وكان عمي سالم بن ناصر بن حمد الجاعدي واضع مبالغ - أي نقود - بصندوقه الذي بمنزله بجلبة اﻹمباة ، وعندما سمع الرمي بالبنادق وصياح الناس نزل يركض من منزله الذي بحارة الجواعد إلى منزله الذي بجلبة اﻹمباه ، فوجد ماء الوادي داخل المنزل ففتح المنزل وحمل النقود ، وعند خروجه من باب المنزل سقط المنزل وحمله الوادي ، ومن حمد الله ولطفه رماه الوادي في نخل لقبورية ، وخرج منها إلى ند لغلالة ، فجلس فوق ند لغلالة حتى استطاع أن يرجع إلى منزله بحارة الجواعد .

**********************************

وجاء إلى سبلة والدي،  وهو يبكي ويرتجف من الخوف والبرد القارص ، حيث أن والدي كان يولع نارا في السبلة من أجل التدفئة ، ومعه بعض اﻷعمام والجيران يشربون قهوة الصباح ، ومنهم : سليمان بن علي بن سليمان بن هديب الجاعدي ، ومحمد بن سعيد بن غاية النقبي ، وسعيد وسيف ابني محمد بن حمد بن سعيد الجاعدي ، وأخي سيف بن محمد بن ناصر الجاعدي ، وسالم بن سيف بن مفتاح الحداد ، وأنا أحضر لهم التمر من داخل المنزل إلى السبلة ، ووالدي ينادي علي إسرع جيب التمر ، وعندما أحضر صحن تمر وجدت الصحن السابق قد خلص ، ووالدي ينادي جيب التمر جيب التمر ، والحاضرون منهم من يضحك ، ومنهم من يبكي.
**********************************

ومن لطف الله وبحمده كنا نسكن في حارة الجواعد بالجبل ، ﻷنه كان فصل الشتاء ، وحيث من عادة كبار السن بالبلدة في فصل الشتاء يخرجوا من بيوت النخيل إلى بيوت الحارة كما هو معروف عندهم ، وفي فصل الصيف ينزلوا من بيوت الحارة إلى بيوت النخيل من أجل الظل والماء البارد.
وكان والدي يضع التمر في بيت النخيل ؛ ﻷن بيت الحارة غير متسع ، وكان يوجد عنده عدد ثمانية عشر خرس مدر مملوءة بالتمر ( الفرض ) ، فسقط عليها المنزل فتم استخراجها من تحت اﻷنقاض بعد يبسان الوادي مباشرة ، فوجد التمر الذي بداخلها صالح لﻷكل ، ولم يتغير ﻷنها لم تنكسر ، ولم يدخل الماء داخل التمر ، فأمرنا والدي بأن نوزع منه على المتضررين من الوادي ، وعلى الفقراء تضرعا إلى الله لعله أن يخفف عنا هذه المحنة الشديدة .

**********************************

وكان سليمان بن حميد بسكن في ند عيشاء ، وعبيد بن مبارك في النزاعة ، وزوون بنت سعيد المدهون في جلبة المسجد .
أما سليمان بن حميد فلم يتأثر منزله ، أما عبيد فسقط بعضه وبقي البعض وهو بداخله ولم يصاب بأذى،  أما زوون فقد حمل الوادي منزلها ﻷنه مبني من سعف النخيل ، وقد أخرجتها والدتي غاية بنت محمد بن سالم بن عيسى المعمرية من منزلها قبل أن يحمله الوادي إلى كهف الحماري الذي هو أعلى جلبة اﻹمباة .
وكان أخي سيف بن محمد لديه خمسة براميل بترول يبيع منها بترول قد وضعها في ظهرة العرف بالقرب من كراج سيارة راشد بن سالم بن حمد الزيدي أبو محفوظ ، فحملها الوادي ولم يكن لها أي أثر سواء حصى ورمل فقط .

**********************************

صغت هذه الكلمات المتواضعة إلى جميع من يطلع عليها وإلى محبي التاريخ وعاشقيه ولله كل شيء وكتبه علي بن محمد بن ناصر بن حمد بن سعيد بن محمد الجاعدي بيده.


إعداد : فهد بن سيف الجاعدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق